التفحيط في السعودية.. بين العقوبات المفروضة والعواقب الجسيمة!
تواصل ظاهرة التفحيط إثارة الجدل في المملكة العربية السعودية، حيث تُعتبر واحدة من أغرب الظواهر المجتمعية وأخطرها على الإطلاق.
تُسفر هذه الظاهرة عن سقوط ضحايا، في ظل المحاولات الحكومية المستمرة لاحتوائها. تحوّلت "ثقافة" الاستمتاع بالقيادة الخطرة إلى ظاهرة شائعة في المملكة العربية السعودية، حتى أنها أُطلق عليها اسمًا خاصًا يُعرف بـ "التفحيط".
يعبّر هذا المصطلح عن الاستعراض والمناورة المُفرطة بإطارات المركبات حتى تشتعل أحيانًا، وذلك أمام حشد من الشباب المتجمعين والمهووسين بثقافة السيارات.
وعلى الرغم من أن التفحيط ليس ظاهرة مقتصرة على المملكة العربية السعودية فقط، إذ تُشاهد في بلدان أخرى، إلا أن بعض الشباب السعودي يتجاوزون الحدود في تجاهلهم للمعايير الأمنية في سياراتهم أثناء ممارسة هذه الظاهرة. وهذا ما يثير استياءً وغضبًا واسعًا في أوساط السعوديين.
حادثة تفحيط تعيد النقاش
تسببت حادثة حديثة تتعلق بالتفحيط في المملكة العربية السعودية في إعادة إثارة النقاش حول هذه الظاهرة والعقوبات الحكومية المفروضة على المخالفين. وتتصاعد المطالب المستمرة بتشديد العقوبات المتخذة ضد هؤلاء المخالفين.
انتشر مقطع فيديو بشكل واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي في العاشر من يناير عام 2023، حيث يظهر في الفيديو أحد رجال المرور وهو يضطر إلى استخدام القوة لإجبار أحد المخالفين للقوانين على التوقف في إحدى شوارع الرياض. وقد لاقى هذا المقطع استحسانًا كبيرًا من قبل المستخدمين.
وتأتي هذه الحادثة كتذكير بأن الجهود لمكافحة ظاهرة التفحيط لا تزال قائمة، وتعزز من حاجة تشديد الإجراءات والعقوبات لكبح هذه الممارسات غير المسؤولة والخطرة على الطرق.
وظهرت في المقطع سيارة مرور وهي تقف أمام مسار مركبة من نوع "شاص" قام صاحبها بالتفحيط ومحاولة عكس السير، معرّضاً حياة المواطنين للخطر.
بعد الحادثة، أعلنت شرطة مرور منطقة الرياض عن ضبط مركبة يقودها الشخص الظاهر في مقطع الفيديو يرتكب مخالفات مرورية، بما في ذلك التفحيط والسرعة الزائدة وعدم احترام رجل الأمن.
وأكدت الشرطة، في بيان مُختصر، أن الشخص الذي كان على متن المركبة حاول تعريض سلامة الآخرين للخطر، وأشارت إلى أنها تعمل حاليًا على ضبطه وتحويله إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
تأتي هذه الإعلانات من الشرطة للتأكيد على جدية التعامل مع مثل هذه المخالفات وضمان سلامة المجتمع.
تفاعل شعبي
تثير هذه القضية اهتمام الناشطين الذين يقومون بتنفيذ حملات متعددة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. يؤكدون أن هذه الحوادث يجب أن تشكل نقطة انطلاق لمناقشة الأسباب والدوافع التي تدفع الشباب والمراهقين إلى التمسك بهذا السلوك المميت، ووضع حلول فورية للتصدي لها، بمن فيها تشديد العقوبات.
تعبر هذه الحملات عن رغبة الناشطين في تسليط الضوء على خطورة هذه الظاهرة وتعزيز الوعي بين الشباب والمجتمع بشكل عام. يُؤكدون أن الحوادث المتكررة للتفحيط تشكل تهديدًا حقيقيًا لسلامة الناس والممتلكات العامة والخاصة. ومن خلال الحملات الاجتماعية، يسعون للتأثير على الرأي العام والمطالبة باتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الممارسات الخطرة.
عقوبة التفحيط في السعودية
انتشار ظاهرة التفحيط في السعودية دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمكافحتها، وتشريع قوانين صارمة تجرم هذه الظاهرة وتفرض عقوبات رادعة على المرتكبين في الأماكن غير المسموح بها.
في مايو 2022، قامت إدارة المرور في المملكة العربية السعودية بنشر عقوبة مخالفة التفحيط للمرة الأولى، وتتمثل هذه العقوبة في سحب المركبة من صاحبها لمدة لا تتجاوز 15 يومًا، وسحب الرخصة الخاصة به، بالإضافة إلى دفع غرامة مالية تصل إلى 20 ألف ريال (5.3 آلاف دولار). وبعد ذلك، يتم تحويل المتهم إلى المحكمة المختصة لتقرير ما إذا كان يستحق تنفيذ عقوبة السجن أو لا.
وفي المرة الثانية، يتم حجز المركبة لمدة شهر وفرض غرامة مالية قدرها 40 ألف ريال، ومن ثم يتم تحويل المخالف إلى المحكمة المختصة للنظر في تنفيذ عقوبة السجن إن تم تقدير ذلك.
وبالإضافة إلى ذلك، يتم تطبيق عقوبة أشد في حالة المخالفة للمرة الثالثة، حيث يفرض غرامة مالية قدرها 60 ألف ريال، ومن ثم يتم تحويل المخالف إلى المحكمة المختصة للنظر في مصادرة المركبة أو دفع قيمة المركبة في حال كانت مستأجرة أو مسروقة، أو لتنفيذ عقوبة السجن. يجب التنويه إلى أنه يُستثنى من عقوبة الحجز أو المصادرة المركبات المستأجرة أو المسروقة.
تأتي هذه الإجراءات القانونية الحازمة كجزء من جهود الحكومة للحد من ظاهرة التفحيط والتأكيد على أنها غير مقبولة وتشكل خطرًا على السلامة العامة. من خلال تغريم المرتكبين وسحب مركباتهم، يتم إرسال رسالة قوية بأن هذا السلوك المتهور لن يتم التساهل معه، وهو بمثابة تحذير للآخرين من المخاطر المحتملة لممارسة التفحيط.
